فيلم الجزيرة “2” وظهور الجماعات التكفيرية فى مصر

في مقالات من 10 سنوات

تبدا اولى مشاهد الجزء الثانى من فيلم الجزيرة باحداث ثورة 25 يناير ولقاءات اعلامية للواء رشدى وهدان “خالد الصاوى” وهو “الضابط الذى تم ترقيته بعد القبض على منصور الحفنى خط الصعيد” الضابط المرضى عنه من قيادات وزارة الداخلية والذى نجح فى القبض على منصور الحفنى “احمد السقا” بعد هروبه فى اللقطات الاخيرة من الجزء الاول ويتحدث رشدى مع مراسلى القنوات عن ان كل شىء تمام وانه لن تحدث اية اعمال شغب خلال يوم 25 يناير عيد الشرطة وانه كان منتظر منهم جملة “كل سنة وانتوا طيبين” بمناسبة عيد الشرطة وينقلنا مخرج العمل “شريف عرفة” الى احد السجون التى يقبع بها منصور وعدد من رجاله المحبوسين “الريس جمعة” على ذمة قضايا واخو كريمة “اخر رجال عائلة النجايحة” والذى يتوعد منصور بالانتقام من عائلته خلال لحظة خروجه لترحيله وتنفيذ حكم الاعدام بها وفى هذه اللحظة يتعرض السجن الموجود به منصور الى اقتحام من قبل المتظاهرين ومعهم عدد من الرجال المجهولين “الجماعات التكفيرية” المدججين بمدافع الجرينوف اعلى سيارات النقل والمزودين بلوادر ضخمة تقوم بهدم جدران السجن واقتحامه وهنا يظهر الممثل “حمزة العيلى” مبعوث الجماعات التكفيرية وتكون مهمته هى قتل منصور الحفنى الذى يكون فى حالة عراك مع اخر فرد من عائلة النجايحة بعد حدوث حالة من الهرج والمرج داخل السجن وتعرض الضباط والافراد للنيران الحية ولكن يشاء القدر ان ينجح مبعوث الجماعات التكفيرية فى قتل اخر رجل فى عائلة النجايحة ويفشل فى تصفية منصور الذى يهرب مع الريس جمعة فى سيارة ربع نقل..ووسط تلك الاحداث تتعرض احدى مديريات الامن التى يعمل بها اللواء رشدى وهدان للاقتحام ويامر باطلاق النيران الحية على المتظاهرين.
وتاتى المشاهد التالية والتى نكتشف فيها ان كريمة “هند صبرى” اصبحت “كبيرة” الجزيرة بعد ان اشترت عائلة النجايحة كل الاراضى التى اخذتها الحكومة من منصور ووصول خبر متقل اخيها لها وتجمع كبارات الجزيرة “عائلة الرحايمة وعدد من كبار العائلات” عندها للمطالبة بتنازلها عن تراس السلطة على الجزيرة بحجة مقتل اخيها فتقوم بتقديم رشوة لهم نظير احتفاظها بالسلطة وهى نصف ارباح مصنع السلاح الذى تمتلكه وبعد خروجهم من بيتها يظهر النجم خالد صالح او “جعفر كبير الرحالة”..والرحالة وفقا للفيلم هم جماعة من كل اهل مصر من بحرى وقبلى عايشين فى جبال الصعيد بياخدوا الدين ستار لاعمالهم الارهابية وبينتهجوت فكر تكفيرى وبيتاجروا مع بعض وبيتجوزوا من بعض وبيتاجروا بفلوسهم ككتلة واحدة فى اى حاجة سلاح او مخدرات او اى شىء وملهومش امان وزى الجراد لما بينزلوا مكان بياكلوا فيه الاخضر واليابس.. ويظهر جعفر قادما فى سيارات فارهة وعدد من الجمال ورائها الى جانب عدد من حراسه برفقته ليتقدم بواجب العزاء لكريمة رغم انه هو من بعث احد رجاله لتصفية منصور واخيها..ويعرض جعفر على كريمة الزواج مخبرا اياها بانه يعلم ما لديها من مشكلات الاولى تتمثل فى طمع كبارات البلد فيها مما يضطرها الى الدفع لهم والثانية اضطراب البلاد وعدم قدرتها على توزيع بضاعة مزارعى الجزيرة “الافيون” ومطالبتهم لها بالمال والزاد ورغم ذلك ترفض كريمة عرض جعفر.
اما منصور فيذهب الى ولده على “احمد مالك” واخوه فضل الاخرس “نضال الشافعى” فى ابو قير بمحافظة الاسكندرية للم الشمل مرة اخرى والعودة الى الجزيرة واسترداد ما كان من مجد وسلطة هناك بعد ان يقوم بقطع اخر خيط يربط على بالاسكندرية وهى بنت البقال “حبيبته”.
ويدخل رشدى وهدان السجن بتهمة قتل المتظاهرين ويقابل داخل السجن احد المسئولين الكبار بالوزارة والذى يقول له “بص يا رشدى احنا ان شاء الله طالعين براءة..تقلق بس لما عسكرى السجن يبطل يديك التحية وانت مسجون..الغلط كتير فى كل حنة فى البلد بس احنا اللى بنشيله فى الاخر”.
وبعد ذلك تتطور الاحداث ويدخل كل من منصور وكريمة وعائلة الرحايمة وهم اهل ام على “سامى مغاورى” عم زوجة منصور التى قتلها النجايحة وبناته صفية “اروى جودة” وزينب وهدية فى صراعات للحصول على السلطة على الجزيرة ودعم وثقة اهلها فى الوقت الذى يقوم فيه جعفر كبير الرحالة باللعب على جميع الاطراف.
وهنا نجد ان محمد وخالد وشيرين دياب الاخوات الثلاثة كاتبى سيناريو الفيلم قاموا بالتركيز على مدى قوة الرحالة وزعيمهم جعفر خاصة بعد مقولة رشدى لاحد اللواءات الكبار فى الوزارة صارخا “الرحالة دول اقوى من منصور الحفنى فى عزه 10 مرات” وتمكن جعفر خلال ظروف الانفلات الامنى بالبلاد من الايقاع بمنصور وقتل اخوه فضل ومحاولة قتل ابنه على من خلال وعده باصدار عفو رئاسى عنه ووعده بتبادل المخدرات التى اخذها منصور من مزارعو الجزيرة بسلاح عالى القيمة “صواريخ سكود” وتوفير مشترى وهمى لها من خلال الضابط رشدى الذى قام منصور بتهريبه من سيارة الترحيلات ومن داخل احد مبانى اجهزة الوزارة مستخدما حجج التظاهر فى مقابل ان يسمح منصور للرحالة بالنزول على الجزيرة “الغلطة الكبرى” وايضا من الايقاع بكريمة وقتل كل عائلتها والايقاع بالضابط رشدى وقتل زوجته وابنه وبنته امام عينيه من خلال تفخيخ سيارتهم بعد صدور الحكم عليه بالبراءة امام المحكمة والايقاع باهل الجزيرة ذاتهم بعد وعدهم بالحماية ونزع تسليحهم واجبارهم على بيع اراضيهم بابخس الاسعار واقامة حد الحرابة على المتمرد منهم فقد اظهر السيناريو جعفر بانه المتحكم فى كل شىء والمتلاعب بجميع اطراف الصراع بمن فيهم الضابط رشدى نفسه الذى كان يرجو منصور وجعفر بان يتركوه فى حاله وفى نفس الوقت ظهرت جماعة الرحالة على انها جماعة منبثقة من جماعة الاخوان بعد سؤال الوجه الجديد “محمد عادل” وهو احد الافراد الجدد بالرحالة لكبير الرحالة جعفر عن مقولته “الاتحاد على الصواب خير من الفرقة على الاصوب” والتى تشبه مقولة قراها فى احد الكتب لحسن البنا مؤسس جماعة الاخوان فكان رد جعفر عليه “نتفق معهم فى بعض مبادئهم” ليس هذا فقط فعندما قرر الضابط رشدى الانتقام من جعفر بعد ان افقده عائلته وفى نفس الوقت قرر منصور ونجله على الانتقام لمقتل فضل من جعفر ايضا قام جعفر بقذف الجزيرة وبيوتها ومساجدها واهلها بصواريخ الاسكود من اعلى الجبال وفعلا اتت الصواريخ على الاخضر واليابس فى الجزيرة ولكن بعد ان وجد منصور وعلى ورشدى وعدد من رجال الجزيرة طريقهم الى جعفر الذى وقف يخطب اعلى الجبل فى الرحالة لحثهم على ضرب الجزيرة وهنا تقع الاشتباكات الاخيرة فى الفليم والتى انتهت بتصدع احد الكهوف على راس الثلاثة منصور وجعفر ورشدى ودخول على واحد افراد الرحالة “محمد عادل” فى عراك بالايدى ينتهى بترك على له دون قتله..ودعوة صفية “اروى جودة” والريس جمعة للشاب على منصور الحفنى للتوقف عن البكاء على والده وتحمل مسئولية كبير الجزيرة وحزن كريمة على منصور وضيقها من تولى على مقاليد الامور على الجزيرة بقولها “معتش غير العيال اللى هيبقوا كبار للجزيرة الله يرحمك يا منصور ويرحمنا”..ولقطة اخير لشراذم الرحالة المتبقية ومنها الوجه الجديد “محمد عادل” ولقطة داخل الكهف تكشف عن بقاء منصور ورشدى وجعفر على قيد الحياة رغم اصاباتهم.
ورغم احتواء فيم الجزيرة “2” على اسقاط سياسى واضح على ظهور الجماعات التكفيرية فى مصر بعد ثورة 25 يناير ووجود علاقة وطيدة لها بجماعة الاخوان “ظهر جليا عندما وعد جعفر كبير الرحالة منصور الحفنى بالعفو الرئاسى” وان الكل طمعان فى الحصول على السلطة بالجزيرة سواء الرحالة او تجار المخدرات او تجار السلاح الا انه ومن المعروف ان تكتل هذه الجماعات فى سيناء وليس فى الصعيد كما جاء فى الفيلم ولكن قد يكون لمؤلفى الفيلم الثلاثة مصادر خاصة عن وجود بعض هذه الجماعات بالصعيد او ان اظهار وجود تلك الجماعات فى الصعيد هو امر فرضته الحبكة الدرامية عليهم بما ان الجزيرة والقصة كلها فى صعيد مصر كما ان لهجة خالد صالح او جعفر فى الفيلم والتى تعتبر خليطا من العامية المصرية ولهجة اهل سيناء وبعض من الفاظ اهل المغرب العربى “تونس والجزائر والمغرب” تجعلك تعشر ان جماعة الرحالة التى تم التركيز بشدة عليها فى الفيلم مجهولين الهوية لكن ما دون ذلك فان الفيلم جدير بالمشاهدة اكثر من مرة خاصة مشاهد الاكشن التى برع فى تصويرها ايمن ابو المكارم مدير التصوير الى جانب موسيقى عمر خيرت وديكور فوزى العوامرى والمنتج المتميز هشام عبدالخالق..فكل هذه الخيوط التى نسجها بذكاء المبدع شريف عرفة مخرج العمل تستحق منا ان نشاهد هذا الفيلم الرائع.